بعد تداول مقطع مدته 13 ثانية لشاب وفتاة قصر في المرحلة الثانوية وهما يقومان بفعل جنسي فاضح على كوبري روض الفرج .. قامت الشرطة المصرية بالقبض على مرتكبي الواقعة ليتبين أنها حدثت في أبريل الماضي بينما المقطع المصور لم ينشره الذي قام بتصويره إلا تلك الأيام .. وتم إخلاء سبيلها بكفالة من النيابة التي أهابت بالآباء وأولياء الأمور إلى حسن رعاية ابناءهم وتأسيسهم على إلتزام الفضيلة وتجنب الرذيلة ، والتحلي بالحياء والتخلي عن التبذل والفُحش ، وتوجيههم أن تقوم العلاقات بينهم - فتياناً وفتيات - على تبادل الإحترام ومراعاة الأدب وطيب الخصال
كما أهابت النيابة العامة بالكافة إلى منع ترويج مثل هذه المقاطع لما فيه من تكدير صفو المجتمع وسلمه وخدش حيائه والتعدي على قيمه ، ولما يشكله من جرائم يعاقب عليها القانون
واشارت النيابة العامة إن الأجدر أن وقعت مثل هذه المقاطع أو غيرها بين أيدي الناس ألا يعاودوا نشرها وترويجها إلى الكافة دون تمييز أو قيد، وإنما الأجدر المبادرة بتقديمها وتسليمها إلى الجهات المختصة لاتخاذ شؤونها حيالها، ليرد بذلك قصد كل من سعى بسوء نية إلى استغلالها في تكدير الأمن والسلم العام .
وتساءل البعض عن موقف مصور المقطع الذي طلبت النيابة التحري بشأن مصور وناشر الفيديو
- مما لاشك فيه أن الولد والبنت قد ارتكبا جريمة فعل فاضح في الطريق العام ، لكن جريمتهما لا تنفي وجود جريمة المصور الذي كان يهدف بتصويره سوءا لاحتفاظه بالمقطع شهور ونشره في تلك الأيام على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة ، وهدف من تلك الأهداف هو تحقيق الربح المادي من نشر ومشاهدات الفيديو وتصدره التريند بمجرد نشره .. كما أن الشابين وإن كانا يمارسان الفعل الفاضح في الطريق العام طبقا لقانون العقوبات المصري لم يخدشا حياء المجتمع كما فعل ناشر الفيديو الذي استفاد من جهة وخدش حياء المجتمع من جهة أخرى وقام بتقدير السلم العام ولم يراعي المجتمع ولا قيمه ولا حرمة الحياه الخاصة ..
بالطبع نجد ردود مختلفة ومعترضة على ذلك .. هناك من يقول هما كان في عرض الطريق ولم يقتحم عليهما مكانا خاصا .. كما أن متابعا لي كتب لي تعليق يعبر عن وجهة نظر بعض أفراد المجتمع بأن سبق وصورت فتاة متحرش المترو الذي قام بخلع ملابسه وهي بذلك تكون اقتحمت حياته الخاصة وزعم أن هذا الكلام يسمح للبعض بدعم الحريات الجنسية في الطرقات على حد تعبيره... لكن كل هذا مردود عليه
متحرش المترو قام بخلع ملابسه بغرض إظهار أعضاءه التناسلية للفتاة وبهذا يكون مرتكب لجريمة التحرش .. فهو كان يعلم ويدرك انها تراه وكان متعمد إظهار عوراته أمامها وهي عندما قامت بتصوير المقطع لم تحتفظ به لشهور ولا لأيام بل لأنها لم يكن بيدها سوى نشره كي تستغيث وقامت بعمل بلاغ وكان المقطع دليل
فلو كان مصور فيديو الولد والفتاة قد تقدم ببلاغ للجهات المختصة وامسك بهما فلا اي مسؤولية عليه لأنها بالفعل في عرض الطريق .. أما أن يحتفظ بالفيديو ويقوم بنشره والتربح من خلال الإساءة لهما وفضحهما فقد ارتكب جريمة بالفعل
هل يحق لهما المطالبة بتعويض عن تصويرهما رغم أنهما ارتكبا الفعل الفاضح فعلا
- في الحقيقة كي أجيب على هذا السؤال لابد أن أتحدث عن المبادئ والاستثناءات التي أرستها محكمة النقض بشأن التصوير والنشر وعن وجوب تعويض في حالة استخدام الصور والفيديوهات
وفي هذا أرست محكمة النقض المصرية مبدأً قضائيا جديدا يتعلق بالتعويض عن نشر واستخدام الصور الشخصية على الإنترنت دون الحصول على إذن بالإستخدام
وذلك في القضية الشهيرة المعروفة بقضية كبينة الطائرة المقامة من الطيار أشرف أبو اليسر رحمه الله عليه وورثته من بعده وبين الفنان محمد رمضان
فقد نشر الفنان محمد رمضان عام ٢٠١٩ صورة من داخل كبينة الطائرة مع الطيار أبو اليسر ورغم موافقة الطيار على الصورة وعلمه بها ورضاءه .. إلا أنه لم يعط موافقة بنشر الصورة .. إلا ان الفنان وبحسب دفاعه اعتبر موافقته على الصورة هي موافقة ضمنية بالنشر أيضا وهو ما ردت عليه محكمة النقض
لنعلم .. أن الموافقة على التصوير شئ والموافقة على نشر الصور على مواقع التواصل أو استخدامها في فيديوهات أو محتوى يحقق ربح شئ آخر
وستجد بعض أفراد المجتمع يتعاملون برقي وأدب حينما تكون في صورة معهم فيكتبوا لك قبلها أنهم بصدد نشر الصورة ويسألونك عن رأيك فتوافق أو ترفض انت وشأنك
إذا فالطيار الذي بالمناسبة قد ارتكب مخالفة بالسماح للفنان بالدخول لكبينة الطائرة والتصوير وقد تم إيقافه وفصله من العمل بسبب تلك الصورة .. فقد استحق التعويض كما اخدت محكمة النقض الحكم لورثته بستة ملايين جنيه تعويض عن الضرر البالغ الذي أصابه جراء نشر الصورة
على ماذا اعتمدت محكمة النقض في حكمها على الفنان محمد رمضان؟
اولا :- على تفسير النص الخاص بحماية الحياه الخاصة المنصوص عليه في المادة ٥٧ من الدستور المصري
ثانيا :- السند القانوني للتعويض وهو قانون حماية الملكية الفكرية كسند قانوني اثبتت من خلاله مخالفة النشر بدون إذن
نص المادة 178 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بإصدار قانون حقوق الملكية الفكرية
لا يحق لمن قام بعمل صورة لآخر أن ينشر أو يعرض أو يوزع أصلها أو نسخًا منها دون إذنه أو إذن من في الصورة جميعًا ما لم يتفق على خلافه. ومع ذلك يجوز نشر الصورة بمناسبة حوادث وقعت علنًا أو إذا كانت الصورة تتعلق بأشخاص ذوى صفة رسمية أو عامة أو يتمتعون بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام، وبشرط ألا يترتب على عرض الصورة أو تداولها في هذه الحالة مساس بشرف الشخص أو بسمعته أو اعتباره. ويجوز للشخص الذي تمثله الصورة أن يأذن بنشرها في الصحف وغيرها من وسائل النشر حتى ولو لم يسمح بذلك المصور ما لم يتفق على غير ذلك. وتسرى هذه الأحكام على الصور أيًا كانت الطريقة التي عُملت بها من رسم أو حفر أو أية وسيلة أخرى.”
ولكي ينطبق قانون حماية الملكية الفكرية على القضية الشهيرة فقد استندت المحكمة على نشر الفيديوهات المصحوبة بالصور التي يطلب المدعي التعويض عن نشرها في قناة المدعى عليه على المنصة يوتيوب وتحقيق أرباح وبالتالي وطبعا للقانون استحق التعويض
إذا وبتطبيق حكم محكمة النقض على الواقعة الحديثة فوق الكوبري والتي قام بتصويرها أحد الأشخاص والاحتفاظ بالفيديو ونشره وتحقيق ربح من خلال قناته فهو يستوجب التعويض لهما .. هذابخلاف ارتكابه لجرائم تكدير السلم العام وخدش حياء المجتمع بنشره الفيديو على المنصات المختلفة
وهناك أيضا قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فمع صدوره امتدت الحماية الجنائية إلى المحتوى المعلوماتي غير المشروع الذي يشكل اعتداء على حرمة الحياه الخاصة
ففي المادة ٢٥ و ٢٦ منه جرم إنتهاء حرمة الحياه الخاصة بأي صورة من الصور وكذلك جرم النشر عن طريق الشبكة المعلوماتية او بإحدى وسائل تقنية المعلومات أيه اخبار أو صور أو معلومات او ما في حكمها تنتهك خصوصية اي شخص دون رضاه ،،، وهذا سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة ..
كيف يعاقب القانون مرتكب تلك الجريمة ؟!
يعاقب القانون مرتكب تلك الجريمة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ،وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه او بإحدى هاتين العقوبتين
ولكن مازلنا نواجه فراغاً تشريعيا لحماية المعلومات المتداولة على الشبكة المعلوماتية وحماية الحياه الخاصة . فنحن بحاجة إلى معايير واضحة وتفصيلية وليست متناثرة بين القوانين المختلفة من قانون العقوبات وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون حماية الملكية الفكرية .. نحن بحاجة وبحق إلى حماية جنائية ومدنية للمعلومات والصور المتداولة في قانون موحد تستند إليه المحاكم في إصدار أحكامها
وأخيرا وليس آخرا فإني أخشى أن أطيل عليكم وحاولت الاختصار قدر الإمكان
علينا أن ننتبه ونحن نرفع هاتفنا لتصوير اي واقعة ونذكر أنفسنا بأن الاستخدام الخاطئ لها سينقلب بالتأكيد على مصور المقطع
علينا أن ننتبه أيضا أن سمعة الأشخاص وشرفهم واعتبارهم ليست لعبة في ايدينا
لكن هل ممنوع أن نصور اي شئ ؟؟
لا بالطبع فقد وضع المشرع استثناءات على قاعدة عدم جواز استغلال الصور الخاصة وقد ذكرت هذه الاستثناءات على سبيل الحصر
١- إذا كانت الصورة بمناسبة حوادث وقعت علنا
كمن يصور حادث سيارة أو حدث جلل وقع علنا ولن يضير اي شخص نشرها
٢ - إذا كانت الصورة تتعلق بأشخاص ذوي صفة رسمية أو عامة أو يتمتعون بشهرة محلية أو عالمية
فلو شخص عادي قام باخذ صورة مع نجم سينمائي أو لاعب كرة شهير أو شخصية سياسية معروفة ونشرها عنده فلا مشكلة
٣ - إذا سمحت السلطات العامة بالنشر خدمة للصالح العام
إذا كان من شأن النشر خدمة للصالح العام فتسمح السلطات بنشر وتداول صور معينة
هذه الاستثناءات بالطبع ليس مطلقة بل مشروطة
مشروطة بماذا؟!
بألا يترتب على الصور أو تداولها في هذه الحالة مساس بشرف الشخص أو سمعته أو اعتباره 👌👌
يجدر بي الإشارة أيضا أنه وطبقا لقانون حماية الملكية الفكرية أن صاحب الصورة له الحق في أن يأذن بنشرها للصحف أو المواقع حتى لو لم يوافق المصور
هذا طبعا إذا لم يكن هناك اتفاق يخالف ذلك .
إليكم حكم محكمة النقض في القضية المعروفة بقضية كبينة الطائرة